ذكرياتنا الحلوة

ذكرياتنا الحلوة

16 أبريل 23
Share

يشعر المرء بالديجا فو (وهم الرؤية المسبقة للأحداث) عندما يسير في مكان ما ويرى فجأة أنه بات مغلفاً برائحة ماء الورد وشراب السكّر، والكاكاو الغني والمكسّرات المحمصة والتوابل اللذيذة والنكهات الملونة. فما هو هذا الشعور؟ بالنسبة إليّ هو رحلة عبر ممر الذكريات وصولاً إلى أيام العيد في زمن طفولتي، حين كان بابا يصطحبني إلى متجر السكاكر لأحضر صندوقاً مليئاً بالقطع اللذيذة. ولا أنسى أبداً مذاق حلوى فادج الكراميل، أكوام عملات الشوكولا ذات القشرة الذهبية، والكثير من الحلويات اللذيذة التي كنت أراها خلف واجهات الزجاج، والعلب التي تكشف بعد فتحها أغلفة بألوان قوس قزح. 

العيد هو أكثر أوقات السنة روعة. بالطبع، فهو مناسبة لاجتماع أفراد العائلة والأصدقاء وتشارك لحظات الفرح والضحك. وفي الصباحات الباكرة ينهض الجميع للصلاة والعناق وتبادل التهنئة بحلول العيد. وفي وقت لاحق من النهار، ينظر الأطفال إلى الراشدين الجالسين في القاعة، ويضع هؤلاء أيديهم على جيوبهم أو محافظهم ليخرجوا منها ورقة نقدية بقيمة 100 ريال. ويظهر الحماس على وجوه الصغار، ويتوقون إلى القيام بكل أمر بكثير من البهجة، لأن العيد بالنسبة إليهم ولآخرين غيرهم، هو وقت للحلويات واللقاءات الجميلة.  

في كل عام، ومع حلول أيام العيد، تحفل المدن السعودية بالكثير من الوجبات اللذيذة. لنأخذ، سوق طيبة في الرياض، كمثال، وهو يشكل وجهة للزائرين منذ نحو 30 عاماً ويوفّر تجربة حسية في كل الاتجاهات ويغمر رواده بالروائح، الألوان، النكهات، والأشكال. وثمة متجر واحد قريب يسمى "حلويات الحمود"، حيث يمكن العثور على الأطفال في أيام العيد وهم يملؤون أكياسهم بالطيبات السعودية. وهناك يختار حشد الزبائن كل ما يحتاجون إليه للعيد، فيما ينشغل مالك المكان، وسط هذه الجلبة، بتلقي الاتصالات والطلبات، فضلاً عن قيامه بتوزيع الحلوى على الجميع لاختبار مذاقها.  

نجد أيضاً محال أخرى أكثر قدماً منها "حلويات سعد الدين" التي فتحت أبوابها في الخبر في العام 1976. ويتوافد إليها السكان المحليون خلال أيام العيد (وفي الأيام الأخرى)، ويُعرف "سعد الدين" بقوالب الكيك التي تثير الشعور بالحنين والكنافة المحشوة بالقشطة المغطاة بالفستق. ويُقال إن اسمها ورد على لائحة غينيس للأرقام القياسية في العام 2013 بعد تقديمها أكبر قالب حلوى على شكل خريطة المملكة. 

وماذا عن "ديبلومات" الذي تأسس في العام 1987 والذي يُقبل عليه الجميع لتناول اللقيمات، هذه الكرات ذات المذاق الحلو الرائع الذي يجعلك تشعر وكأنك تطير فوق السحاب؟ ونذكر أيضاً "حلويات تولين"، موطن قوالب الحلوى والشوكولا اللذيذة. وأيضاً وأيضاً لا ننسى معجنات وحلويات "سنابل الريان"، أحد الخيارات المميزة حيث يمكن تناول الحلوى ذات المذاق الذي يفوق كل التوقعات.

في الواقع، تحفل السعودية بمثل هذه المحال والمؤسسات، علماً أن بعضها جديد ومبتكِر وبعضها الآخر قديم وأيقوني. إلا أنها تتشارك تقديم عالم من الوصفات الحلوة اللذيذة التي رافقت وما زالت ترافق الأجيال خلال أيام العيد. إذاً فلنرتدِ أحلى الملابس ولنرسم على وجوهنا أجمل الابتسامات ولنجتمع مع أحبائنا في لحظات من الفرح تقاطعها قضمات البقلاوة الشهية، فالعيد هو حقاً وقت الذكريات الحلوة.