حقبة جديدة: رحلة غير متوقعة لمالك نجر وعبد العزيز المزيني

حقبة جديدة: رحلة غير متوقعة لمالك نجر وعبد العزيز المزيني

يؤدي الثنائي الإبداعي مالك نجر وعبد العزيز المزيني دوراً أساسياً في كتابة أحد فصول صناعة الأفلام والأعمال التلفزيونية في السعودية
01 أكتوبر 23
Share

تتجه أنظار العالم راهناً إلى السعودية التي تعيش تحولاً كبيراً يشمل كل مرافق الحياة، ومنها عالم صناعة  الأفلام. وفي هذا السياق، يبدو أنه لم يعد بإمكان الأعمال الهوليوودية التربع على عرش الإبداعات السينمائية هنا، فقد بدأت تفقد جمهورها في المملكة منذ مدة طويلة. أما الثورة الإبداعية الحقيقية فحدثت حين بدأ مبدعون مثل مالك نجر وعبد العزيز المزيني باستخدام "يوتيوب" لنشر محتوى بات يجذب، مع مرور الوقت، جيلاً من المتابعين. 

وهذا ما يشير إليه نجر بقوله: "لم نتوقع ذلك، لكننا توصلنا إلى الخلطة السرية"، موضحاً أن المسلسلات الكريكاتورية المملة لم تتمكن من استقطاب الشباب، ومضيفاً: "لذا بدأنا بتقديم شخصياتنا وبإحداث التحول الكبير".

انطلقت الشراكة الإبداعية لتنتج "راس براس" و"محافظة مسامير". وفي العام 2009، شعر المزيني، الذي عُرف حينها كرسام كاريكاتوري في صحف يومية، بالحاجة إلى خوض تجربة تفرض عليه تحدياً جديداً. 

وبالحديث عن هذا التعاون يصف نجر شريكه بأنه رجل أعمال ناجح يعرف تماماً "كيف تسير الأمور". فقد كان في الـ16 من عمره حين بدأ عمله كرسام كريكاتوري (لم يحقق النجاح في مادة الرياضيات وأراد إقناع والده بصوابية توجهه الإبداعي). وهكذا أنجز رسماً كريكاتورياً وقدمه إلى أحد الناشرين، كما التقى للغاية نفسها أحد المحررين. في الواقع لم يعرف حينها ما عليه فعله أو الأسلوب الذي يتعين عليه اتباعه، ورأى أنه سيكتشف كل هذا بشكل تدريجي.  

ولاحقاً تلقى عرضاً يقضي بتحويل رسومه إلى أعمال كرتونية، فردّ على ذلك بأنه لن يعمل إلا مع شخص سعودي يمتلك القدرة على فهم حس الفكاهة الخاص بالسعوديين. وفي أثناء بحثه عن ذلك الشخص، التقى المزيني مالك النجر، إلا أنه فوجئ باختيار جهة العرض لخبير مصري فقدم استقالته على الفور.   

لكن هذا لم يدفعه إلى التراجع، إذ قرر العمل مع نجر، منتج الرسوم المتحركة الذي لمع في هذا المجال. وهكذا حققا نجاحاً فورياً ولفتا أنظار عدد كبير من المتابعين. 

وفي العام 2012، وقع نجر عقداً لإنتاج "مسامير" مع التلفزيون السعودي، فاتصل به المزيني لتهنئته. إلا أنه سرعان ما انضم إليه بعدما أبلغه الأخير أن عليه إنجاز العمل في غضون ثلاثة أشهر فقط. 

وبالحديث عن هذه التجربة يقول المزيني: "لم تكن الأشهر الثلاثة مرحلة سهلة، لكننا تمكنا من أداء المهمة". فخلال تلك الأشهر، لم يذهب أي منهما إلى منزله، ولم ينم لأكثر من ثلاث ساعات يومياً، وكثيراً ما تناولا مشروبات الطاقة للبقاء يقظين.  

والنتيجة؟ على هذا السؤال يجيب المزيني: "بالطبع، شعرنا بالإرهاق العقلي والجسدي، إلا أننا تمكنا من إنجاز 60 حلقة، إضافة إلى مشروعين آخرين قمنا ببيعهما. كان هذا أفضل ما قمنا به على الإطلاق". 

وفي العام 2014، أسس الشريكان استديو "ميركوت" Myrkott Animation Studio، الأول من نوعه في السعودية. ومع انطلاق دور السينما وعجلة الإنتاج العالمي في العام 2018، تمكن كل من Myrkott وتلفاز 11 من الاستفادة إلى حد كبير من الفرص الجديدة، ما أضاء الطريق أمام جهات طموحة أخرى. 

في البدء واجهت الشركتان التحديات نفسها، على حد تعبير نجر. فقد هدفت كل منهما إلى تشجيع صناعة الأفلام السينمائية والأعمال التلفزيونية في ظل عدم توفر الإنتاجات في السعودية. لذا، عزمتا على المضي قدماً وعلى إصلاح هذا الواقع قدر الإمكان. 

وعلى هذا يعلق نجر قائلاً: "انطلق كل ما صنعناه من اقتناعنا بضرورة رواية قصص سعودية تبدو حقيقية وتشبه واقع الإنسان السعودي، السعودي الذي نعرفه والذي سيعرفه كل العالم".   

يستند نجاح الثنائي على ديناميكية لافتة، فالمزيني هو رجل الأفكار الذي لا يهدأ، في حين يحرص نجر على وضع هذه الأفكار موضع التنفيذ فور اقتناعه بها. 

وهذا ما يشير إليه المزيني بقوله: "حققت هذه الطريقة النجاح لأن كلاً منا يثق بالآخر. فحين قررنا صناعة فيلم في العام 2019، بدت الفكرة مجنونة بعض الشيء، فقد كنا نعلم أن علينا بذل كثير من الجهود لبلوغ هذا الهدف. لكن مالك كان يثق بي، وهكذا تمكنا من تحقيق النجاح الكبير".

بالفعل تبع نجاح "مسامير الفيلم"Masameer: The Movie توقيع عقد مع Netflix هدف إلى تحويل الفيلم إلى مسلسل تلفزيوني عنوانه "محافظة مسامير". وقد ساهم تطور الأحداث في نشوء قاعدة كبيرة من المتابعين. 

وفي موازاة ذلك، أنشأ المزيني شركة Sirb Productions التي تُعنى بأفلام الحركة الحية. وأراد من خلالها مواجهة الأقاويل التي أشارت لسنوات إلى أنهما حققا النجاح بسبب غياب المنافسة. وفي هذا الصدد يقول: "لم أرد الاكتفاء بالخطوات الصغيرة، أردت القفز مباشرة إلى الأعماق". 

كان نص "راس براس" السيناريو المكتمل الأول الذي وقعه المزيني. حينها رأى أن مخرجاً واحداً يمكنه تحويل رؤيته إلى واقع: مالك نجر الذي أضاف لمسته الخاصة مظهراً حرصه التام على تقديم السعودي كما لم يره العالم من قبل. وهذا ما يعبر عنه بالقول: "حين نتحدث عن السعودية، يرى بعضهم أننا نقصد بذلك المدن الحديثة جداً أو سكان الصحراء والجِمال. لكن ثمة حقائق كثيرة تختبئ بين المشهدين". 

وبعد النجاح الذي حققه الفيلم، بدأ كل من شريكيّ الإبداع العمل منفرداً، مع الحفاظ على صلة بالآخر تزداد عمقاً مع مرور الوقت. ويشرح نجر هذا لافتاً إلى أنه يشعر بالحماس لرؤية كل منهما يسعى إلى بلوغ هدفه بكل ما أوتي من قوة قبل مقارنة النتائج التي تمكنا من تحقيقها، ويقول: "لا يسعني الانتظار لمعرفة ما ستنتجه طاقتنا الإبداعية الفريدة".