عبد الرحمن حمدي: الوطن، حبّ بلا حدود

عبد الرحمن حمدي: الوطن، حبّ بلا حدود

يعبّر سعوديون مقيمون في الخارج عن حبهم اللامحدود لبلدهم، عن حنينهم إليه، وعن طرق احتفائهم الدائم بثقافته وعاداته وتراثه لمناسبة اليوم الوطني السعودي
18 سبتمبر 23
Abdulrahman Hamdi
Share

23 سبتمبر، هو يوم الوطن، يوم التعبير اللامحدود عن المشاعر الوطنية، يوم الوحدة، يوم الاحتفاء بالتراث، بالتاريخ، بالحاضر والسير بخطى ثابتة على طريق المستقبل. وفي اليوم الوطني السعودي نشعر بعمق الانتماء إلى هويتنا داخل حدودنا وخارجها، وهو ما نحرص على التعبير عنه على صفحاتنا. وهذا العام التقينا 3 سعوديين مقيمين في الخارج وتحدثنا إليهم عما يعنيه الانتماء إلى المملكة، عن قدرة الهوية السعودية على تحدي المسافات المادية، وعن طرق احتفالهم باليوم الوطني السعودي في أماكن بعيدة عن أرض الوطن.

عبد الرحمن حمدي

فنان  ومحام

يدعو عبد الرحمن حمدي، من خلال أعماله الفنية الآخرين إلى "التوقف، التأمل، واكتشاف قصصهم الخاصة من خلال ألوان ريشته وظلالها". فقد وجد هذا الرسام المبدع في الفن وسيلة للتعبير عن مشاعره. وهو ما يشير إليه بقوله: "تتحول اللوحة بالنسبة إليّ إلى ملاذ، إذ أحول مشاعري وأعماق روحي إلى قطع مرئية".

ويعرض حمدي هذه القطع الإبداعية في صالات مثل Leila Heller Gallery في لوس أنجلوس ونيويورك. وهو يعيد من خلال ذلك الاتصال بلغته وثقافته ويقدّم رؤيته الخاصة لجمهور متنوع. كما يسعى، انطلاقاً من عمله كمحام مجاز في جدة، نيويورك ولوس أنجلوس إلى بناء الجسور بين عالمين مختلفين. وهو ما يوضحه بقوله: "من خلال لمسات ريشتي، ومن خلال كل حجة قانونية أقدمها، وكل لحظة تواصل مع الآخرين، أحرص على ترك بصمة لا تُمحى على لوحة الحياة".

هنا وهناك

انتقل عبد الرحمن إلى الولايات المتحدة الأميركية لمتابعة دراسته، حيث حصل على درجة الماجستير من جامعة جنوب كاليفورنيا وأثرت إقامته في مجتمع لوس أنجلوس المتنوع على رؤيته للثقافة السعودية، إذ وضعها في إطار عالمي أكثر اتساعاً. وفي هذا السياق يشير إلى أنه بات يحرص بشدة على تحقيق التوازن بين انتمائه إلى جذوره وعيشه في مجتمع عالمي. ويضيف أن التواصل مع أشخاص ينتمون إلى خلفيات متنوعة جعله يشعر بأنه يؤدي دور مبعوث ثقافي يقوم بسد الفجوات التي تفصل بين الثقافات المختلفة ويساهم في بناء علاقات تقوم على الاحترام والتفاهم المتبادلين.

حنين

تثير الأطباق التقليدية لدى عبد الرحمن شعوراً بالحنين إلى الماضي، فهو يستعيد من خلال نكهات الكبسة والمندي ذكريات التجمعات العائلية، قيم الوحدة والإلفة، بل أيضاً الروابط التي تتخطى الحدود الجغرافية. وتعبيراً عن اشتياقه إلى تلك الأجواء يقول: "أشتاق إلى دفء العائلة والأصدقاء وحبهم أكثر من أي أمر آخر".

لذا يحرص على تعميق صلته بجذوره من خلال التواصل مع المقربين منه، مع طلاب سعوديين، كما عن طريق تحضير الأطباق التقليدية والمشاركة في الفعاليات الثقافية والاجتماعية. ويصف الحنين إلى الوطن بأنه شهادة يعتز بها على عمق صلته به.

مفاهيم خاطئة

يرى عبد الرحمن أن المفاهيم الخاطئة والصور النمطية تنطلق من عدم التواصل المباشر مع الآخرين، لافتاً إلى أن هذا يحول دون التعرّف على تلك التفاصيل الغنية التي تتميز بها ثقافتهم.

وعن أفضل طريقة لإلغاء تلك المفاهيم يقول: "أعتقد أن تأمين مساحة آمنة للحوار المفتوح في إطار من الاحترام والتعاطف هو الوسيلة الأكثر فعالية لتبديد الجهل وتحقيق التفاهم".

 من هذا المنطلق يحرص الفنان على المشاركة في نقاشات تتناول تاريخ المملكة، عاداتها، ثقافتها، وتحولاتها الاجتماعية، ما يساهم في تبديد الغموض وفي تعميم صورة أكثر وضوحاً. 

فخر الانتماء

"أضع دائماً في إصبعي خاتماً سعودياً أهدتني إياه أمي. وهو يرمز إلى حبها ودعمها، كما يذكرني بارتباطي بوطني وبجذوري الثقافية"، يقول حمدي، المرشح لنيل جائزة The SINGULART 2023، معبراً عن شعوره بالفخر بمشاريع رؤية 2030، ومنها The Line، لافتاً إلى أن هذا يأتي في إطار المسؤولية التي تضطلع بها السعودية تجاه الكوكب. وإذ يشعر بدوره بعمق المسؤولية الملقاة على عاتقه، يحرص عبد الرحمن على أن يصبح أحد الفنانين البارزين في لوس أنجلوس لأن هذا يؤكد عمق ارتباطه بالثقافة السعودية.

وفي هذا الإطار يذكر أنه تلقى الدعم والتشجيع من أصدقائه في اللحظات الحاسمة، وهو ما حدث حين حصل، في العام 2021، على جائزة الطلاب الدوليين من جامعة كاليفورنيا تكريماً لإنجازاته غير العادية. ويقول في هذا الصدد: "رغم بعد المسافات، نحافظ على الروابط المتينة. وهذا الشعور بالفخر هو ما يدفعني إلى تحقيق التفوق كفنان وإلى المساهمة في بناء مستقبل مشرق على مستوى السعودية والعالم".

احتفال خارج الوطن

 تحتفي الجالية السعودية في لوس أنجلوس بالمناسبات، مثل اليوم الوطني السعودي، من خلال تنظيم النشاطات، العروض التقليدية، كما عن طريق الموسيقى وتحضير الأطباق، ما يساهم في إبراز جوهر التراث السعودي المتنوع.

ويرى عبد الرحمن أن ما تتميز به الاحتفالات في لوس أنجلوس هو إظهار التنوع الثقافي، والتذكير بجاذبية التقاليد السعودية على المستوى العالمي. ويتابع: "تختلف الاحتفالات التي تقام في الخارج من حيث الحجم وطبيعة العروض عن تلك التي تنظم في الوطن. هذا صحيح، لكن يبقى ذلك الشعور بالفخر وبالحنين إلى الماضي هو القاسم المشترك بين الداخل والخارج".

عبرة

ينطوي العيش في الخارج، بحسب عبد الرحمن، على كثير من الدروس الحياتية المهمة، ويساهم في تطوير الشخصية ويدعو إلى اكتشاف الذات. وهو يشير إلى أن الاندماج مع ثقافة مختلفة، العيش في محيط غريب، وبناء الصلات مع أشخاص ينتمون إلى خلفيات متنوعة، أغنى نظرته إلى الحياة. فالسفر بالنسبة إليه هو عملية اكتشاف متواصل للذات تفتح أبواب عوالم، رؤى وفرص جديدة. لذا ينصح كل من يخطط للعيش في الخارج بالحرص على التعرف على عادات جديدة، بالخروج من منطقته الآمنة، ببناء الصلات مع المجتمعات المحلية من أجل تعزيز الشعور بالانتماء. ويختم بقوله: "حافظ على طريقة تفكير إيجابية وواجه التحديات التي توفر لك فرصاً للتطور والتعلم".

abdulrahmanhamdi.com

@the.mr.a