عبدالله الخريّف: تصوّري للفندق النموذجي

عبدالله الخريّف: تصوّري للفندق النموذجي

يتحدث رائد الأعمال والمصمم السعودي عبدالله الخريّف عن واقع الضيافة في المستقبل ويشاركنا بعض أفكاره
28 يناير 24
Image source: Unsplash: Mara Conan Design
Share

نتوجه إلى الفنادق عادة من أجل الخروج على روتين الحياة اليومية. فأنا أسافر أحياناً لأسباب مهنية أو للقاء بعض أفراد أسرتي ممن يقيمون في الخارج. تختلف الدوافع لكنني أعيش دائماً، أثناء إقامتي في فندق ما، أجواء الإجازة. بالفعل، يشعرني النوم بعيداً عن سريري لبعض الوقت بالمتعة، أياً كان السبب الذي دفعني إلى مغادرة منزلي.

ويتفق الجميع على أننا نشهد ازدهاراً في المشهد الفندقي في المملكة العربية السعودية: من الفنادق البوتيكية،  إلى المنتجعات الفاخرة، ومن صروح الضيافة التابعة لسلاسل عالمية إلى تلك المحلية. في الواقع، يتم إطلاق مفاهيم جديدة ومتنوعة في هذا السياق، من أماكن الإقامة الفاخرة ذات المواقع المميزة (مثل منتجعات البحر الأحمر) إلى تلك التي تشبه معكسرات التخييم (في العلا مثلاً)، فالشقق، الاستديوهات، الآر أن بي، الكبينات، والكرفانات الصحراوية. بالفعل، لا يمكن وصف نمو هذا القطاع بأقل من كلمة "مذهل".

وماذا بعد؟ قد يطرح كثر هذا السؤال إثر هذه الطفرة الكبيرة في القطاع الفندقي السعودي. وللإجابة لا بد من الإشارة إلى أهداف رؤية 2030 على المستوى السياحي. فهي تعني أننا نحتاج إلى المزيد، المزيد من الغرف أو كما يقول الخبراء في عالم الفنادق، المزيد من "المفاتيح". وبالطبع لا ترمي هذه الرؤية إلى استقطاب السياح من مختلف أنحاء العالم فقط، بل إلى جذب جيل من الشباب، السعودي وغير السعودي، أيضاً. ويشمل هذا كل التفاصيل، من الوجهة إلى المسافر وما بينهما.

لكن يبدو أنه بات من الضروري النظر إلى الفنادق بطريقة مغايرة. فالفندق الذي يتم بناؤه حالياً يلبي التطلعات والحاجات الراهنة. والعالم يتغير بسرعة، ما يعني أن تلك الحاجات تتغير أيضاً. وكمثال على ذلك نشير إلى أن بناء فندق صغير يتطلب عاماً واحداً (لدراسة الجدوى، تأمين التمويل، التصميم وإجراء المناقصات)، فيما قد يستغرق البناء نحو عامين. إذاً نتحدث هنا عن سنوات قليلة قد تتغيّر خلالها عاداتنا بشكل ملحوظ. والدليل على ذلك التحولات الإيجابية الكبيرة التي طرأت على الواقع السعودي في السنوات الثلاث الأخيرة. وهذا يعني أن الأعوام المقبلة ستحمل مزيداً من التغيير. لذا، فإن أي فندق يتم بناؤه في العام الحالي قد يواجه صعوبة في التكيف مع متطلبات المرحلة التي ستشهد افتتاحه. 

ويعلم الخبراء في المجال الفندقي أنه لا يتم تجديد الفندق قبل مرور 10 سنوات بعد بنائه. وهذا يعني أنه علينا، منذ الآن، أن نتنبه إلى ضرورة أن يصبح الفندق الذي نبنيه اليوم ملائماً لمتطلبات العام 2034. في الواقع، ثمة تحد آخر تواجهه الفنادق حالياً، إذ يجب ألا تبدو "قديمة" بعد مدة قصيرة من تشييدها، فنحن نعيش في عالم متقلب يدعو بشكل مستمر للتخلي عن القديم. لذا، نسأل دائماً عن الجديد، نستكشف ونختبر، ونعيش حالة من المد والجزر.

ما الجديد؟

قد يرى بعضنا أن التطور التكنولوجي هو الإجابة، لكنها في الواقع إجابة غير دقيقة. فعالم التكنولوجيا يشبه عالم الموضة إلى حد ما، أي أنه يشهد بين حين وآخر تحولاً سريعاً يهدف إلى التكيّف مع العصر ومستجداته. وفي المقابل، يبدو الفندق استثماراً بطيئاً ينطوي على مخاطرة كبيرة. فقد يبدو قديماً بتصميمه أو خدماته حتى قبل أن يحصل القيمون عليه على عائدات الاستثمار، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على عمل المستثمر، على القطاع السياحي، وربما على الحياة في محيطه وعلى الواقع الاقتصادي العام في البلاد.

لذا، لا أمتلك تصوراً واضحاً لما يمكن أن يكون عليه الفندق المستقبلي، لكنني أرى أنه لا بدّ من أن يكون أكثر تطوراً مما هو عليه اليوم، على مستويي التصميم والتكولوجيا. ولهذه الغاية، نحتاج إلى وضع مزيد من التصورات، إلى الحلم والاستكشاف.

أما نقطة البداية بالنسبة إليّ فهي تغيير طريقة عيشنا: فنحن نعيش حياة صاخبة، نتأثر بالظروف الضاغطة، كما أننا دائمو التوتر والانشغال، مشتتون وقلقون. ورغم هذا لا بدّ من إبداء بعض التفاؤل، فدائماً تلوح الفرص المناسبة في الأفق، إذ يصار راهناً إلى مراعاة هذا الواقع وإلى الاهتمام بالتنوع الكبير على مستوى النزلاء الذين ينتمون إلى هويات، فئات مجتمعية، عمرية، وإتنية مختلفة. لذا، يبدو اختلاف تطلعاتهم أمراً بديهياً، وعلى الفندق الحرص على إرضاء توقعاتهم، ما يشكل تحدياً كبيراً لا بد لعالم الضيافة من مواجهته بحزم ونجاح.

وبالنظر إلى واقع العالم الحالي، يبدو أن الوقت هو أبرز الخدمات التي يتعين على كل فندق أن يوفره لضيوفه في العقد المقبل. فتحدّث إلى أي من المقربين منك وسيخبرك أن الوقت قصير... إذاً كيف يمكن توفير مزيد من الوقت لهم؟ ربما آن الأوان لأهتم بكل ذلك في فندقي الخاص.      

  ..