كريستيان غماشي يحتفي بأجمل وجهات المملكة بنظرة سينمائية

كريستيان غماشي يحتفي بأجمل وجهات المملكة بنظرة سينمائية

المصوّر وصانع المحتوى كريستيان غماشي يتحدث عن المملكة كما رآها من خلال عدسته وعيني ابنته آية
22 يناير 24
Share

الأب والمحامي والمصوّر والمستكشف الدائم، صفات تجتمع في الشاب كريستيان غماشي متعدد الاختصاصات. فقد عمل في مجال المحاماة قبل أن ينتقل إلى العمل الخاص وإلى صناعة المحتوى على مواقع التواصل. كما أنه مؤسس شركة Where is This المتخصصة في إنتاج وإدارة وتوزيع المحتوى الرقمي. وتركز هذه الشركة على تنمية قدرات ومواهب صانعي المحتوى في مجالات السفر والسياحة والترفيه والضيافة من أجل مساعدتهم على إنشاء محتوى سفر جذاب وغني بالمعلومات. كما تهدف إلى تسليط الضوء على وجهات متنوعة في مختلف أنحاء العالم، وعلى مغامرات استثنائية ملهمة وعلى تجارب لا يعرفها الكثيرون. كذلك يستغل كريستيان موهبته في التصوير من أجل توثيق أبرز الأحداث والمشاهدات التي تتخلل رحلاته. وكان آخر هذه الرحلات تلك التي قام بها إلى المملكة العربية السعودية. فقد زارها برفقة ابنته آية البالغة من العمر 12 عاماً وطفل سعودي يدعى عمر. وحاول أثناء تنقله بين مختلف مناطقها التقاط كل ما هو جديد وغريب وغير متوقع. وحرص على توثّيق لقاءاته الدافئة مع السكان المحليين، ونقل لمتابعيه اللحظات المميّزة التي عاشها في كل مكان زاره على أرض المملكة.


في البداية، ما الذي أثار اهتمامك في عالم التصوير الفوتوغرافي؟

من الناحية المهنية، أنا محامٍ، درست القانون ومارست هذه المهنة لمدة طويلة وحتى العام 2014. لكنني أبديت أيضاً اهتمامي بالتصوير الفوتوغرافي وصناعة الأفلام. وقد اكتشفت موهبتي في هذا المجال حين كنت في الـ18 من عمري تقريباً. فقد كان والدي يمتلك كاميرا قديمة استخدمتها للتدرّب. ومع مرور الوقت، أصبحت أكثر خبرة في مجال التصوير وتعلقاً به. وقد شجعني كثير من الأشخاص على نشر صوري في كتاب خاص.

ما النصيحة التي قدمها لك والدك حين قمت بأولى خطواتك في مجال التصوير؟

قال لي: ركّز دائماً على العينين وانتبه للخلفية.

وما الذي دفعك إلى تحويل موهبتك وشغفك إلى مهنة؟ ما الذي ألهمك؟

يقال إن رواية القصص تشجع الناس على السفر، وهذا صحيح بالنسبة إليّ. وقد شاهدت مؤخراً فيلماً وثائقياً عنوانه Long Way Down (الطريق إلى الهاوية)، وتأثرت كثيراً بشخصيتيّ إيوان ماكجريجور وتشارلي بورمان، وأحدثت فكرة العمل تغييراً في داخلي، فقلت لنفسي: "هذا هو، هذا ما أريد أن أفعله". في ذلك الوقت، كنت أعيش في كيب تاون في جنوب أفريقيا وأدرس خطواتي التالية، وأعتقد أن التوقيت كان مثالياً. لذا، سافرت من كيب تاون إلى دبي عبر جيبوتي على متن دراجة نارية حملت كل معداتي. وأثناء سفري، حرصت على توثيق رحلتي أكثر من أي شيء آخر. وهكذا دخلت عالم صناعة الأفلام. وعندما وصلت إلى دبي، حسمت الأمر وقررت أن هذا ما أريد القيام به.

حدثنا عن تلك اللحظة حين علمت أن إنشاء المحتوى قد يكون خطوتك المهنية التالية.

كان عليّ الانتظار لمدة ثلاث سنوات قبل أن تتبلور هذه الخطوة وتتحول إلى حقيقة. وخلال تلك المرحلة، كنت أسافر باستمرار وأنشئ محتوى خاصاً برحلاتي. وقد نشرت هذا المحتوى للمرة الأولى من خلال فيلمي الأول "مغامرات آية في أيسلندا".

في الحقيقة، لم أتمكن من حضور عيد ميلاد ابنتي الثامن بسبب التزاماتي المهنية. ولتعويض غيابي، ذهبت برفقتها إلى أيسلندا. وهناك استأجرنا منزلاً متنقلاً وتجولنا في أرجاء البلاد لمدة أسبوع. وقمت بتصوير تلك المغامرات لتوثيقها والاحتفاظ بها. لقد شكل ذلك مشروعاً عاطفياً خاصاً. وبعد ذلك قمت بتحميل المحتوى على مواقع التواصل، وقد حاز إعجاب عدد غير متوقع من المتابعين. وشاركت لاحقاً في مهرجانات سينمائية، وفزت بعدد من الجوائز. بالفعل عندما نثق بأنه يمكننا التفوق في مجال ما، لا بدّ من أن نفعل ذلك.

وبعد ستة أشهر، اصطحبت ابنتي إلى كينيا حيث قمنا بتصوير فيلم جديد عنوانه "مغامرات آية في كينيا". وحاز الفيلم إعجاب كل من شاهده. كذلك قمت بتصوير فيلم "مغامرات آية في دبي".

حدثنا عن رحلتك الفوتوغرافية في السعودية.

قمنا بزيارة المملكة ضمن سلسلة مغامرات آية، وبالشراكة مع موقع روح السعودية أو Visit Saudi. انطلقنا من جدة، وقامت آية باستكشاف المدينة برفقة صبي من المنطقة يُدعى عمر. فقد استعنا به ليرشدنا أثناء جولتنا داخل المملكة، ولنتمكن من التعرف على السعودية من خلال عيون السكان المحليين. وهكذا أمضينا أربعة أو خمسة أيام في جدة، ثم توجهنا إلى موقعنا التالي، الطائف. وبعد ذلك انتقلنا إلى منطقة الباحة ثم إلى عسير، وأنهينا رحلتنا في الدرعية والرياض حيث أراد الطفلان زيارة البوليفارد. وأمضينا حوالي أربعة أيام في كل موقع برفقة مرشدين محليين كانوا رائعين ومتحمسين للغاية.

قمت بجولة في مختلف أنحاء المملكة، فما المكان الذي شكل مفاجأة كبيرة بالنسبة إليك؟

شعرت بالدهشة حين ذهبت إلى عسير. ما شاهدته هناك لم يكن متوقعاً. فهي منطقة جبلية غنية بالمساحات الخضراء وذات طقس بارد مساءً، وهناك واجهتنا ظروف مناخية لم أعتقد يوماً أنها قد تسود في أي من مناطق السعودية. أقصد بهذا الضباب والمطر! ورغم أن أن عمر هو ابن المملكة، إلا أنه لم يقم بزيارة عسير من قبل. وبالطبع لم تفعل آية ذلك أيضاً. وكان من الرائع رؤية ردود أفعالهما لدى مشاهدتهما البيئة المحيطة.

كذلك فاجأاتنا مناظر منطقة الباحة. وقد عبر عمر وآية عن إعجابهما الشديد بالمكان، وذهبا لمشاهدة الشلالات، وتنزها في الغابة. في الواقع، لم تكن رؤية هذه المناظر الطبيعية الخضراء في مكان يُعرف بأنه بلد صحراوي أمراً عادياً. لا شكّ في أن كثراً سيفاجؤون حين يعلمون أن السعودية ليست مجرد دولة صحراوية قاحلة. وأعتقد أننا تمكنّا خلال رحلتنا من نقل هذا الواقع ومن تغيير الصورة النمطية السائدة المرتبطة بالمملكة.

هل تتذكر لحظة خاصة عشتها أثناء الرحلة التي قمت بها في المملكة؟

التقينا العديد من السكان المحليين الذين أظهروا كثيراً من الود والترحيب. وأتذكر أنهم كانوا يبتسمون فور رؤيتهم آية ويقدمون لها الهدايا. وقد أعطاها أحد الرجال حبات من الخرز وقال لها: "بالنيابة عن السعودية، أريد أن أقدم لك هذه الخرزات وأشكرك لزيارتك بلدنا". كانت تلك لحظة خاصة. الكرم والفخر بالبلد واللطف، كلها أمور رائعة وجزء من حياة الناس في المملكة لا يعرفه الكثيرون.

ما المكان الذي تتطلع لزيارته في المستقبل؟

البحر الأحمر، هو موقع آخر أتوق إلى استكشافه: خط ساحلي بكر، مياه غنية بالشعاب المرجانية والمياه النظيفة والمتلألئة. لا شكّ في أنها ستكون رحلة لا تُنسى. ومن الملفت حقاً التركيز على برامج الاستدامة والتجديد في المملكة.

هل جربت الطعام المحلي؟

عندما قمنا بزيارة إلى منطقة السودة، قدّم لنا السكان المحليون طبق الحنيذ، وهو من الأكلات الشعبية الأكثر شهرة. ويحتوي هذا الطبق على لحم الضأن الذي يُشوى لساعات طويلة في موقد تحت الأرض، ويقدم غالباً مع الأرز. وقد جلسنا وتشاركنا وجبة الطعام ونحن نستمتع بمشهد غروب الشمس المذهل برفقة زملائنا المسافرين والسكان المحليين. لقد كانت تجربة مذهلة.

وما الذكرى التي سترافقك إلى الأبد؟

بالنسبة إلي، سأتذكر دائماً تلك اللحظات التي عشتها حين التقيت الناس قبل التصوير، حيث كنت أستمتع بتبادل الأحاديث معهم.

كيف تحقق التوازن بين قيامك بالتصوير إرضاء لذاتك والاستفادة منه كمهنة؟

هذا السؤال مهم جداً. وللإجابة عليه أقول إنه لا بد لي من تصوير كل ما يثير اهتمامي، إنه أمر سهل وطبيعي. وأنا محظوظ جداً لأنني أستمتع بإنشاء المحتوى، إلى جانب اعتمادي عليه كمصدر للكسب المادي.

ما النصيحة التي تقدمها للمصورين الطموحين؟

إذا أردت التقاط الصور في مكان لا تعرفه من قبل، فاعلم أن وقتك هناك سينتهي بسرعة. فأنت عابر وإذا لم تقم بالتواصل مع السكان المحليين أو تحاول التعرّف إليهم عن قُرب، فلن تتمكن من استكشاف البلد وثقافته بالطريقة الصحيحة. فالتفاعل مع السكان هو الطريقة الأفضل للتعرّف على المكان بشكل فعلي.

أذكر مكاناً قمت بزيارته وشكل تحدياً بالنسبة إليك أو غيّر وجهة نظرك.

كانت رحلتي الأولى من كيب تاون عبر أفريقيا صعبة إلى حد ما. حينها انصب اهتمامي على الأماكن المهجورة، مثل الفنادق وحطام السفن، وعلى القصص التي تخبئها.

في ناميبيا، تجد حطام سفينة وسط الصحراء. هي سفينة إدوارد بوهلين ويبلغ طولها أكثر من 300 متر، وقد جنحت في العام 1909. والمذهل أنها أصبحت الآن محاطة بالرمال، مع انحسار البحر على مرّ السنين. ورغم ذلك، لم يكن من السهل الوصول إلى مكانها، نظراً إلى موقعها غيرالثابت، وإلى ارتفاع المدّ في المنطقة. لذا، لا تجرؤ أي طائرة على الهبوط في الموقع. وهكذا أمضيت يومين باحثاً عن طريقة للوصول إلى حطام السفينة ومشاهدته عن قُرب، وقد قادتني إحدى الشركات إلى الموقع حيث أمضيت 24 ساعة. في الواقع، تبدو وكأنها سفينة أشباح تصعد من قلب الصحراء، المشهد رائع فعلاً.

- ما التالي على قائمتك الاستكشافية؟

نستعد لخوض مغامرات آية في أوروبا، وبالطبع سنذهب للتزلج!


christianghammachi
whereisthis.com