رحلة العمر مع الفهدة الرحالة

رحلة العمر مع الفهدة الرحالة

رحلة مع الأميرة فهدة بنت بندر آل سعود ومناير الشارخ، إلى الداخل والخارج، على متن "الفهدة الرحالة"
19 ديسمبر 23
The Traveling Panther
Share

حين تستعيد الأميرة فهدة بنت بندر آل سعود ومناير الشارخ بعضاً من أيامهما الماضية، تشيران إلى أنهما كانتا تواجهان، كما هي حال الجميع، ضغوط العمل أو تحتفيان بأحداث مميزة في حياتهما. كما تتحدثان عن السفر الذي كان يشكل بالنسبة إليهما فرصة للخروج من الروتين. وفي هذا السياق تقرّان بأنّهما كانتا تتوصلان بعد كل رحلة إلى خلاصة مفادها أنه "لا يمكن القيام برحلة العمر مرة واحدة".

وفي إطار شغفهما بالترحال، أنشأت الصديقتان مدونة متخصصة بنشر الصور الفوتوغرافية التي تُلتقط في وجهات مختلفة، كما أسّستا شركة استشارية تُعنى بشؤون السفر. بالفعل، تعاونت الأميرة السعودية فهدة، مع مناير الكويتية، وثلاث نساء أخريات على إطلاق شركة الفهدة الرحالة. وهي شركة استشارية تهتم بالسياحة الدولية الصديقة للبيئة، بتعزيز فرص اللقاءات المحلية، كما بتشجيع التبادل الثقافي.

في الواقع، بدأت الحكاية في العام 2015، حيث خططت النساء الخمس لقضاء إجازتهن في كوبا. حينها كانت الولايات المتحدة الأميركية تعمل على إعادة بناء علاقات تجارية مع هذا البلد، بعد عقود من الخصومة السياسية. وهو ما دفع الرئيس باراك أوباما إلى رفع الحظر عن توجه الأميركيين إلى الجزيرة الكاريبية. وأثار هذا فضول كثير من محبي السفر الذين بدأوا بحجز رحلاتهم إلى هذه الوجهة "غير المكتشفة".

تتذكر الشارخ، وهي الرئيسة التنفيذية للشركة، ذلك بقولها: "كان علينا بذل كثير من الجهود من أجل الوصول إلى المعلومات"، لافتة إلى أنّهن واجهن العديد من الأسئلة وبحثن عن الإجابات. وتتابع أنهن استطعن التواصل مع بعض المرشدين السياحيين المحليين، مقدمي الخدمات الخبراء في المجال السياحي، والمسوّقين، قبل انطلاقهن في رحلة العمر.

وفي العام التالي، بدأت كوبا تجذب عدداً كبيراً من العاملين في مجال السياحة وكثيراً من السيّاح. وحينها أقامت شركة الفهدة الرحالة شراكة مع مسوّقين محليين وباتت تنظم الرحلات إلى الجزيرة. وبعد تحقيقهنّ النجاح، أصبحت الشريكات الخمس خبيرات في مجال تخطيط الرحلات إلى وجهات لم يعتد معظمنا قضاء إجازاتهم فيها.

 ومن كوبا انتقل الفريق إلى بوتسوانا، زمبابوي، اسكتلندا، ومنغوليا، قبل تفعيل حساب الشركة على إنستغرام الذي جعل التجربة أكثر روعة.

وتتحدث الشارخ عن هذه التجربة فتقول: "نحن لا نهتم بالوجهات التي يمكنك التعرّف عليها عبر محرك البحث غوغل. ففي هذا العالم لا يتوقّف الأمر على ركوب الطائرة وزيارة مطعم أو اثنين. لذا، نركّز على ضرورة الاندماج التام مع الوجهة التي يتم الذهاب إليها".   

بالفعل، يشكل الاندماج الثقافي مع الوجهات ركيزة عمل الشركة، بحسب الأميرة فهدة التي تضيف: "نغوص حقاً إلى أعماق الوجهة الني نقصدها، نلتقي السكان المحليين، نستمع إلى قصصهم، ونعزز صلاتنا بالأرض التي نزورها... نحاول فهم كل شيء من وجهة نظر السكان، لا من وجهة نظرنا كسيّاح".

ورغم أن مفهوم الفهدة الرحالة نشأ بفعل رحلات قامت بها هؤلاء النساء إلى الخارج، إلا أنه تطوّر، في الحقيقة، على أرض الوطن. ففي العام 2017، بات للشركة مقر رئيسي في الرياض. وهكذا حرصت الشريكات على بناء تجربة ترتبط بالسفر رغم غياب كل ما يتعلق بالسياحة في المملكة آنذاك. لذا، بدأن باستكشاف المواقع والناس ونظمن إحدى أولى رحلاتهن في العاصمة السعودية بالتعاون مع مجموعة من المغامرين.    

وهذا ما توضحه الأميرة السعودية بقولها: "استند عملنا منذ البداية على التعاون مع مقدمي خدمات محليين، كما على تقديم الأفضل باستخدام كل ما لدينا من إمكانيات".

وهكذا تمكنت النساء الخمس من تأسيس تجربة هايكنغ فريدة من نوعها، على مقربة من الرياض. وهي تجربة تنتهي عادة بدعوة المشاركين إلى العشاء وإلى الاستمتاع بنشاطات ترفيهية.

وفي العام التالي، بدأت السعودية بتحريك عجلة قطاعها السياحي، وأطلقت في هذا الاتجاه تأشيرة إلكترونية. وحصدت مؤسِّسات الفهدة الرحالة، في المملكة، الثمار الأولى للخطوات التي قمن بها في كوبا. وهكذا بات عليهنّ الاهتمام بنحو 200 زائر في معرض إطلاق هيئة تطوير بوابة الدرعية في الطريف. وتحولن في إطار مشروعهن الأول إلى فريق استشاري ثقافي سياحي. وفيما كانت الشركة تعقد، في السابق، اتفاقات شراكة مع شركات تسويق سياحية في بلدان مختلفة، باتت تشارك اليوم في تطوير البنية التحتية للقطاع السياحيّ السعودي. وفي السنوات الخمس اللاحقة، استطاعت بناء شبكة علاقات عامة. فقد تنقل الفريق في أنحاء المملكة وتعرف إلى عدد كبير من المهتمين المحليين بالسياحة، وزوّدهم بالتراخيص والوثائق اللازمة، كما ساعدهم على توسيع نطاق خدماتهم وعلى جعل هذه الخدمات تلتزم بالمعايير العالمية. 

ويبدو أن جزءًا من الجهود التي تُبذل في إطار الشركة تنصبّ على إرشاد السكان المحليين إلى صناعة جديدة لا يعرفونها، أي صناعة السياحة. وتتحدث الشريكات مثلاً عن منزل أثار إعجابهن في عسير، منزل يتمتع بإطلالة مذهلة على الجبال. وعنه تقول الشارخ: "أردنا أن نطرق أبواب الناس، أن نخبرهم بأن لديهم منزلاً جميلاً وإطلالة رائعة، أن نشرح لهم أهمية استعراضهم تنوع المنطقة وثقافتها أمام السيّاح، وضرورة تحوّلهم إلى جزء من الحكاية السعودية الجديدة". 

وتحوّل المنزل بالفعل إلى مقهى يشعر فيه الضيوف وكأنهم ما زالوا في بيوتهم، وبات يقصده كثير من السيّاح. وترى الشريكات المحبات للسفر والمغامرة في هذا مثالاً على التطور التصاعدي لقطاع السياحة في المملكة، ويؤكدن على أن هذا النهج يقود إلى "إعادة اكتشاف السعودية". وفي الإطار نفسه تلفت الأميرة فهدة إلى أن "الأرض تقدم بالفعل كل ما هو مميز"، وتضيف: "علينا فقط أن نكتشف ذلك وأن نهتم به وأن نقدّمه مع الحفاظ على أصالته وعلى هويته الثقافية". 

وتستمد النساء الخمس عزيمتهن من توقهن إلى المساهمة في تطوير  قطاع السياحة السعودي. "إنه أمر معد"، تعلق الأميرة وتتابع: "لا يمكنك إلا أن تشعر بالحماس. نريد أن نكون جزءًا من هذه القصة السعودية".

وبالفعل، تمت الاستعانة بخبرة القيّمات على شركة الفهدة الرحالة بين الحين والآخر في معرض استضافة بعض الزوار من المشاهير وقادة العالم. ويأتي هذا تقديراً لفهمهنّ العميق لثقافة البلد وشعبه، ولسعيّهن إلى بناء قطاع سياحي متكامل صديق للبيئة. ولدى سؤالهن عن مدى اهتمامهن بتبديد الصورة النمطية المرتبطة بالمملكة، يُجمعن على أنه يمكن السياح التخلي عن أحكامهم المسبقة منذ الزيارة الأولى. 

وهذا ما تعبر عنه الأميرة فهدة بقولها: "أعتقد أن تقديم صورة بلدنا الحقيقية هو هدفنا الأساسي. نريد تغيير الصور النمطية السائدة عن بلدنا، من خلال تعزيز التواصل الإنساني ونشر القصص الشخصية. فنحن نؤمن بهذه الأرض وبما تقدمه لضيوفها، وهو ما سيراه الجميع. إذاً يكفي أن تأتي لترى كل هذا بنفسك".

في الأحساء مع الفهدة الرحالة

تبدأ شركة الفهدة الرحالة تنظيم كلّ تجربة سياحية بسؤال السيّاح عن أبرز اهتماماتهم وعن الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها من خلال الرحلة. وهكذا يقوم فريق العمل بوضع خطط تناسب هوايات الزوار، أماكن إقامتهم، وميزانيتهم. وهو ينصح قراء LIST بعيش تجربة تاريخية وثقافية لا مثيل لها في الأحساء.  

على طريق التاريخ

اكتشف التاريخ واعرف كيف استطاع الملك عبد العزيز بن سعود الحصول على تأييد القبائل المحلية وضم المنطقة إلى سلطنة نجد. لذا، توجه إلى قلعة العقير، وهي حصن ساحلي بُني على الطراز الروماني. وهنا ستُنقل إليك معلومات عن معاهدة العقير التي وقعت في العام 1922 والتي رُسمت بموجبها الحدود الحالية القائمة بين السعودية والكويت والعراق. وهنا أيضاً ستعرف المزيد عن طرق التجارة التي كانت تربط شبه الجزيرة العربية ومنطقة المحيط الهندي.

استرخِ في أكبر واحات العالم

لا بدّ لك من الاسترخاء والاستمتاع بارتشاف القهوة الطازجة وبتناول حبات التمر رائعة المذاق في أكبر واحات العالم مساحة والتي تضم مليونين ونصف المليون شجرة نخيل. وهنا، يمكنك أن ترافق الفريق في رحلة إلى المزارع المحلية، حيث ستتاح لك فرصة التعرف على أساليب الزراعة التقليدية والحديثة. وأثناء سيرك في المكان، قد تقدّم لك قطعة من خبز التمر المميز الذي يعدّه أقدم خبّازي الأحساء. فاحرص على الجلوس إلى جانبه لتستمع إلى قصص يخبرها عن السعودية أثناء تحضيره الخبز اللذيذ.    

وبعد ذلك، ندعوك إلى التوجه إلى أقدم سوق تقليدي في المنطقة: سوق القيصرية. وفي هذه الوجهة، لا بدّ لك من لقاء حرفيي البشت وهم يقومون بالتطريز بخيط الزاري الذهبي، الفن الذي توارثته الأجيال والذي يظهر على عباءات الرجال التقليدية.  

اكتشف سر بحيرة الأصفر 

احرص على أن تنهي زيارتك للأحساء برحلة تقوم بها، على متن سيارة رباعية الدفع، إلى بحيرة الأصفر. فقد تتمكن من الاستماع إلى خبير في علوم الطبيعة وهو يتحدث عن غنى الثروة النباتية والحيوانية في المنطقة. ولا تنسَ مشاهدة منظر غروب الشمس أثناء جلوسك على حافة البحيرة.