إلى العلا مع عزيز العلا

إلى العلا مع عزيز العلا

استكشف أكبر متحف حيّ في العالم بصحبة المصوّر وصانع المحتوى عبد العزيز البلوي، المعروف باسم عزيز العلا
18 ديسمبر 23
Abdulaziz Albalawi - Aziz AlUla
Share

هل تبحث عمّن ينظم رحلة مميزة إلى العلا؟ هل تفضل عدم الالتزام بالقوائم التي ترشدك إلى ما يجب أن تفعل أو تشاهد؟

إذاً حان الوقت لتتعرف إلى عبد العزيز البلوي. في الواقع، يُشتهر هذا المصوّر، صانع المحتوى، والمخرج السينمائي، من خلال حسابه على إنستغرام حيث يُعرف باسم عزيز العلا (aziz.alula). وهو يلتقط بعدسته صوراً تُظهر جمال المنطقة وروعة مشاهدها الطبيعية البكر. ولعلّ تميّز تلك الصور، التي تُظهر روح الأمكنة والجوانب غير المرئية منها، يرتبط بانتمائه إليها.

الهوية الصحراوية

بالحديث عن انتمائه يقول عبد العزيز: "عشت في العلا طيلة حياتي. كان أفراد عائلتي من البدو الرحل الذين يتنقلون في هذه الصحراء". وإذ يُعرب عن فخره بالاتصال بالطبيعة، يشير إلى أن إقامته في منطقة صحراوية ساهمت في تشكيل رؤيته للحياة، وفي تكوين شخصيته الحالية. كما يرى أن ثمة فرقاً واضحاً بين التعرف إلى التراث والتاريخ من خلال الكتب واختبارهما على أرض الواقع. وتعبيراً عن ارتباطه الشديد بماضي العلا وحاضرها يقول: "العلا هي المكان الذي ألهمني دائماً".

أبعد من السياحة

إلى جانب ارتباطه الشديد بالمنطقة وتاريخها، يتأمل عبد العزيز آفاقها المستقبلية. ويرى الفنان والمؤثر أنها ليست وجهة سياحية فقط، بل أكثر من هذا بكثير، أي فرصة لإظهار تاريخ وتراث لا مثيل لهما في هذا العالم، بما ينسجم ورؤية صاحب السمو الملكي، ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.   

العمق التاريخي

حين يصف عبد العزيز العلا يشير إلى أنها "جوهرة تراثية، إذ ترتبط بتاريخ أقدم مما يمكن تصوره". ويرى أن المنطقة تتفوق على كل ما عداها من المواقع على مستوى العراقة.

ويذكر أن الهيئة الملكية لمحافظة العلا أعلنت مؤخراً اكتشاف قطع أثرية جديدة، منها الفأس اليدوية التي تعود بتاريخها إلى أكثر من 200.000 عام والتي تم العثور عليها في موقع القُرح. وجاء هذا نتيجة جهود بذلها فريق من خبراء الآثار الدوليين بالتعاون مع الهيئة التي تم إنشاؤها بناءً على مرسوم صدر في يوليو 2017، بهدف حماية تراث العلا وتطويرها نظراً لما تتمتع به من أهمية على المستويين الثقافي والطبيعي في شمال غرب المملكة العربية السعودية.

وتعليقاً على ذلك يشير عبد العزيز إلى أن هذه الاكتشافات تؤدي دوراً محورياً في ما يتعلق بكشف المزيد من أسرار الحضارة البشرية. ويعرب عن أمله أن يتمكن الخبراء من معرفة مزيد من التفاصيل المتعلقة بالأدوات التي تم اكتشافها وبالأشخاص الذين قاموا بصناعتها منذ مئات أو آلاف السنين".       

ويضيف المصّور وصانع المحتوى أن أهمية العلا لا تقتصر على الداخل السعودي أو على المنطقة، بل تمتد إلى الخارج، إلى العالم أيضاً. وفي هذا السياق يقول: "تشكل كل زاوية من زوايا العلا قطعة من التاريخ. فموقع القُرح يُعد مثالاً على الأهمية التاريخية التي اتسمت بها في العصر الإسلامي. ولا شك في أن المنطقة التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتاريخ شبه الجزيرة العربية تخفي كثيراً من الأسرار والكنوز التاريخية". 

ويتصل تاريخ العلا، بحسب عبد العزيز، إلى حد بعيد بهوية سكانها، إذ ينعكس على ثقافتهم ونمط حياتهم: "إذا كانت البرازيل تتنفس كرة القدم، فنحن نتنفس التاريخ".  .  

رُواة القصص

قد يكون التنقل في العلا للمرة الأولى مهمة صعبة بالنسبة إلى الزوار. فهي تتميز بغناها التاريخي وبتنوع تضاريسها. لذا، ينصح عبد العزيز هؤلاء بالاستعانة برواة القصص المحليين، إذ يمكن حجز جولة برفقة أحدهم من خلال الموقع الإلكتروني الرسمي لمحافظة العلا: tickets.experiencealula.com. 

ويقترح المصور على الأشخاص الذين يرغبون في القيام بجولة من دون مرافق بالانطلاق من موقع الهياكل الحجرية المذهلة التي يعود تاريخ بنائها إلى نحو 7000 عام".

كما يدعو إلى زيارة مزرعة الجود، وتمور العلا، فيما يشجع محبي التصوير الفوتوغرافي على التوجه إلى حديقة الملك عبد العزيز حيث يمكن الاستمتاع بمنظر غروب الشمس، أو إلى قلعة العلا (قلعة موسى بن نصير) التي تقع وسط المناظر الطبيعية الخلابة حيث يمكن التقاط صور رائعة.

على ظهر حصان

سواء أردت القيام بجولة لمدة ساعة أو ربما لثلاث ساعات، اعلم أنه يمكنك المشاركة في جولات التصوير التي تنطلق من مدينة دادان الأثرية، وتشمل الواحة والصحراء والوديان، قبل أن تنتهي في موقع جبل الفيل. ولا تَعد هذه الجولات بمشاهدة أكثر المناظر روعة فقط، بل تساهم في دعم المجتمعات المحلية أيضاً.

وعلى هذا يعلق عبد العزيز الذي ينظم بدوره جولات على ظهور الخيول والإبل بالقول: "تتيح هذه الجولات للزوار أيضاً التعرف على الخيول العربية واستكشاف تاريخ الخيول في المنطقة عموماً. كما يمكن هؤلاء التقاط الصور وتسجيل مقاطع الفيديو القصيرة من أجل توثيق هذه التجربة المميزة".

في الواقع، يشكل التنقل في المنطقة على ظهر حصان طريقة مميزة لاستكشاف تضاريسها. وهنا يمكن اكتشاف مسارات خفية ومواقع صديقة للبيئة تناسب عشاق الهايكنغ. كما يمكن محبي المغامرة الذهاب إلى واحة دادان، الواحة النبطية، جبل مجدر والغراميل. كما يمكنهم القيام بنشاطات اعتيادية مثل تأمل النجوم ليلاً والتخييم تحت سماء الصحراء، أو ربما المشي على مسار البركان الوعر، أو على الكثبان أو في الوادي.   

نكهات العلا

لا يمكن قضاء أوقات ممتعة في العلا من دون تذوق نكهاتها التقليدية. لذا، لا بد من زيارة مقهى ومخبز تمور العلا حيث يتم تقديم القهوة السعودية وطبق الحيسة التقليدي الذي يحتوي على التمر.

ويتحدث عبد العزيز عن المطاعم التي يفضلها، فيذكر مطعم شاورما خيال، مطعم الواحة، مطعم مذاق يمني، وأماكن ضيافة أخرى تقدم الحيسة والكبسة والمرقوق وغيرها من الوصفات المحلية. كما يوصي المصور بالجلوس إلى مائدة مطعم المذاق الذي يقدم تجربة طعام سعودية حقيقية، ويتابع: "ليس عليك سوى التوجه إلى وسط المدينة، جنوب البلدة القديمة، حيث ينتشر عدد من المطاعم التي تقدم النكهات والأطباق المحلية".

المشهد الإبداعي

شهد الواقع الفني والإبداعي في العلا تحولاً لافتاً مع انطلاق عدد من الأحداث الأكثر أهمية في المنطقة، ومنها مهرجان فنون العلا. وهنا تجذب المنشآت الفنية، مثل مدرسة الديرة (مركز الفنون والتصاميم في العلا) حيث يمكن لقاء فنانين محليين فضلاً عن المهرجانات الموسيقية، حشداً كبيراً من المهتمين.  

هذا الواقع يشير إليه عبد العزيز فيقول: "من المهم جداً زيارة الحرفيين"، داعياً كل زائر إلى إلقاء نظرة على الأسواق المحلية وعلى حياة السكان اليومية قبل التوجه إلى وسط المدينة. ويضيف: "أشجع الزوار على التواصل مع السكان المحليين، فهم يرحبون بالضيوف بحفاوة بالغة. لكن لا بدّ من الانتباه إلى ضرورة الاستئذان قبل التقاط الصور للملكيات الخاصة مثل المنازل والمزارع، وبالطبع لا بد من احترام الطبيعة".    

وأخيراً، أياً يكن ما ستقوم به في العلا، يقدم لك المصوّر هذه النصيحة: "استمتع برحلتك، فالعلا تنتظر زيارتك بقلوب وأذرع مفتوحة. ونحن نتطلع لاستقبالك لنتشارك روعة العلا وإياك".