دفء الريفييرا الألبانية في رحلة خريفية

دفء الريفييرا الألبانية في رحلة خريفية

ما زالت الريفييرا الألبانية وجهة لا تقصدها إلا قلة من السياح الذين يبحثون عن ملاذ هادئ على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يضفي عليها غموضاً آسراً وجاذبية لا حدود لها
15 أكتوبر 23
Albanian Riviera
Share

ننتظر بفارغ الصبر سطوع شمس سبتمبر الدافئة، فآخر أيام الصيف رائعة وهي الوقت المثالي لزيارة أوروبا، إذ تصبح مواقعها السياحية في نهاية هذا الفصل أقل ازدحاماً وحراً. ورغم أن تقديم طلب للحصول على تأشيرة يعد أمراً مضجراً بالنسبة إلى بعضنا، إلا أن زيارة إحدى الجواهر الخفية تستحق العناء: نتحدث هنا عن ألبانيا.

رغم أنها تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بين جنوب مونتينيغرو وشمال اليونان، لا تشكل ألبانيا جزءًا من الاتحاد الأوروبي (تم ترشيحها لذلك في العام 2014). أما الخبر السار، فهو أن الحصول على تأشيرة إلكترونية للدخول إلى أراضيها أمر سهل للغاية. واللافت أن هذا البلد لم يتحول بعد إلى وجهة للسياحة الجماعية، بل يمكن القول إنه ما زال كنزاً يخفي كثيراً من المناظر الطبيعية الخلابة، إلى جانب الطقس المعتدل، المطبخ البلقاني المميز، وكرم الضيافة الذي يعيد تذكير الزائر بحقيقته الإنسانية.

وفيما يتوجه عشاق الهايكنغ إلى شمال هذا البلد الذي يوفر مسارات رائعة، يفضل الباحثون عن الترفيه زيارة الريفييرا الألبانية (أو Bregu كما يسميها السكان) جنوباً. وهي عبارة عن خط ساحلي يمتد على مسافة 450 كلم على حافة البحرين الأيوني والأدرياتيكي. ويوفر مشهداً متكاملاً يشمل الآثار، القرى القديمة، العجائب الطبيعية والشواطئ الهادئة. فهل أنت مستعد لاستكشافه؟

Saranda أو Himare؟

هو السؤال التقليدي الذي يطرحه كل من يرغب في الذهاب إلى Bregu التي يمكن الوصول إليها بواسطة سيارة تاكسي أو أخرى يتم استئجارها في العاصمة تيرانا. وللإجابة على السؤال، نشير إلى أن منطقة Saranda تحتضن منتجعات مترامية الأطراف، مطاعم تقدم المأكولات البحرية مثل Black Marlin، مرفأ رائعاً ومكان تنزه يقصده كثير من السياح. وفي المقابل، تبدو Himare أكثر هدوءًا. فهي قرية صيد تمنح الزائرين، وهم قلة، شعوراً بالدفء المحلي، علماً أنها لا تنطوي على كثير من مظاهر التنمية الحضرية، ما يجعلها وجهة مناسبة للأزواج والعائلات ولكل من يبحث عن ملاذ يشعره بالسكينة.

ويلفت فندق البوتيك Da Luz في Saranda أنظار كثير من عشاق أماكن الإقامة غير العادية، وذلك بفضل أثاثه المعاصر، طعامه المنزلي، وكرم الضيافة الذي يظهره مالكوه والعاملون فيه (تمتلكه عائلة يونانية – ألبانية)، فضلاً عن توفيره إمكانية الوصول السهل إلى الشاطئ الخاص. أما في Himare، فلا بد من اختيار الإقامة في فندق البوتيك Rea. هنا، تتوفر إطلالة آسرة على البحر، وتصاميم بسيطة ترتقي بغرفة الضيوف إلى مستويات جمالية مميزة، فضلاً عن شاطئ Spile القريب الذي يشتهر برماله الناعمة ومياهه الفيروزية غير العميقة.       

Blue Eye

يعد Blue Eye أحد المعالم الطبيعية المميزة في ألبانيا، وهو نبع تحيط به مساحات خضراء مورقة ويغلفه الغموض الآسر. في الواقع، لم يتمكن أي غواص حتى الآن من الوصول إلى نقطة تقع على عمق أكثر من 50 متراً. لذا، لم يتم التوصل بعد إلى معرفة العمق الحقيقي لهذا الموقع البحري. ورغم أن السباحة في Blue Eye نشاط محظور، إلا أن بعض الشجعان يقومون بذلك، علماً أن حرارة الماء تبلغ نحو 10 درجات مئوية على مدار العام، حتى في أيام الصيف الحارقة.  

وتشير أسطورة محلية إلى أن Blue Eye هي عين ثعبان مؤذ ما زالت تبكي منذ قتله رجل عجوز.   

Butrint

يمتد هذا الموقع على مساحة 200 هكتار، ويعتبر أحد كنوز ألبانيا المثيرة للدهشة. فالموقع مأهول منذ عصور ما قبل التاريخ، لذا فهو يحتوي على كثير من الآثار التي تروي قصصاً عن حياة السكان في حقب متتالية. ويشار إلى أن المنطقة شهدت غزو الرومان تحت حكم يوليوس قيصر في العام 44 قبل الميلاد، وخضعت لاحقاً للاحتلال البيزنطي ثم الفينيسي قبل أن تصبح جزءًا من أراضي السلطنة العثمانية. ومن المهم زيارة المسرح القديم (ما زال يستضيف المهرجانات حتى اليوم).

منتزه Karaburun-Sazan Marine الوطني

هو المنتزه البحري الوحيد في ألبانيا. لذا، ندعوك إلى استئجار زورق سريع والاستمتاع بالسباحة في المياه الصافية، أو إلى الانطلاق نحو كهف Haxhi Ali السريالي (أطلق عليه اسم محارب قديم لجأ إليه). ولا بد من أن تلاحظ أن هذا المنتزه يشتهر بتضاريسه المتنوعة.

كذلك يمكن استكشاف جزيرة Sazan التي ترتبط بمراحل تاريخية قديمة جداً، علماً أنها شكلت (وما زالت) قاعدة عسكرية وأن الوصول إليها كان ممنوعاً حتى العام 2015. ففي هذا العام بات بإمكان السياح التنقل وسط مخابئها وأنفاقها التي شكلت ملاجئ لأكثر من 3000 جندي والتي ما زالت تروي قصص الحرب الباردة سيئة السمعة في ألبانيا. لكن هذه المواقع الدفاعية المهجورة لا تعتبر عوامل الجذب الأساسية في Sazan، فالجزيرة هي أيضاً موطن لثمانية أنواع من الخفافيش و39 نوعاً من الطيور.   

جزر Ksamil

يبدي كثر إعجابهم بشواطئ Saranda المرصوفة بالحصى، ولكن تم اختيار شاطئ Gjipe كأحد أفضل 50 شاطئاً في العالم في استطلاع أجري هذا العام (2023). ويقع هذا الخليج على بعد 30 دقيقة بالسيارة عن Himare، وسط منحدرات شاهقة، ويتميز بذلك التباين الآسر بين التضاريس الوعرة والرمال الناعمة.   

يمكن القيام برحلة إلى جزر Ksamil (أربع جزر)، حيث يمكن السباحة أو التنقل على متن قارب ينطلق من بر الجزر الرئيسي، أو ربما استئجار المظلات أو كراسي الاستلقاء محدودة العدد من أجل قضاء يوم مريح بعيداً عن الضجيج.

قلعة Porto Palermo

تعتبر قلعة Gjirokaster في ألبانيا إحدى أكبر قلاع البلقان. وهي من المعالم التي تدفع كثيراً من السياح إلى زيارة المدينة المعروفة باسم "مدينة الحجر". لكن، يمكن من لا يرغب في الذهاب إلى وجهة بعيدة، زيارة قلعة Porto Palermo التي تقع في قرية Qeparo، على بعد أميال قليلة عن Himare، علماً أن لا معلومات واضحة عن أصولها التاريخية، فالبعض ينسبها إلى العثمانيين وآخرون إلى الفينيسيين. وهنا ستلاحظ أن جزءًا من قلعة Porto Palermo يتجه نحو البحر الأيوني وجبال Ceraunian. فلا تنسَ صعود الدرج الحجري للوصول إلى التراس والاستمتاع بمشهد البحر وبلحظات من السكينة. وفي ختام الجولة، يمكنك الاسترخاء وسط أجواء شاعرية خاصة تتميز بها الريفييرا الألبانية.