السعودية بعدسة باريس فيرا

نردّد دائماً القول "إنه عصر مواقع التواصل الاجتماعي"، ويبدو في هذه الحالة أن عدد المؤثرين من خلالها بات يفوق أعداد أولئك الذين يتعين عليهم التأثر. ويهتم هؤلاء المؤثرون بمواضيع ومجالات مختلفة، بل إن بعضهم يحقق نسبة إعجاب مرتفعة جداً. لذا، لا يسعك أن تتجاهل مثلاً موهبة بارزة في عالم التصوير الفوتوغرافي متى ظهرت أمام عينيك فيما أنت تتصفح أحد تلك المواقع. وهو ما حدث حين تصفحنا حساب باريس فيرا Paris Verra الذي يتابعه أكثر من 150 ألفاً على إنستغرام.

واللافت أن هذه المؤثرة الأميركية أمضت نحو ست سنوات متنقلة من منطقة إلى أخرى في المملكة العربية السعودية. وهكذا استطاعت تكوين ذاكرة مرئية تمحورت حول ثقافة هذا البلد ومناظره الطبيعية المتنوعة كما رأتها بعينيها. وتشرح هذا بالقول: "ما دفعني أولاً إلى زيارة السعودية هو أن أمي كانت تعمل مدرّسة هنا"، مضيفة: "قبل هذا لم أكن أعرف العلا وكنت أعتقد أن السعودية هي مجرّد أرض صحراوية شاسعة".

والآن اختلف كلّ شيء وباتت ترى الوجه الآخر للسعودية، وهو ما توضحه بالقول: "تفاجئني السعودية كلما انتقلت إلى إحدى نواحيها. كل ما أراه يختلف إلى حد كبير عما تصوّرته أو عما قيل لي. بل إن هذا البلد يختلف اليوم عما كان عليه خلال زيارتي الأولى له، وما زلت أحبه كما أحببته منذ تعرفت عليه. بصراحة أريد القول إن الأمان الذي أشعر به وطريقة الحياة هنا هما من الأمور التي تفاجئني أكثر من غيرها. في الواقع سافرت إلى بلدان عدة حول العالم، إلا أنني لم أشعر في أي بلد بالأمان ولم أحظ كامرأة بالترحيب كما هي عليه حالي هنا".

قبل انتقالها إلى عالم السفر ومفاجآته، عملت باريس في مجال التمثيل، وهو ما شجعها على الوقوف خلف الكاميرا وأمامها. لذا، لا تتردد في أن تقدم لمتابعيها نصائح تتعلق بالتصوير أثناء السفر. ومن أبرز تلك النصائح: "احرص على استكشاف المكان جيداً بدلاً من أن تذهب مباشرة إليه وتبدأ بالتقاط الصور قبل أن تغادره. فالتواصل مع المكان يتيح له إظهار جماله وأصالته أمام الكاميرا".

ما الأماكن التي زرتها حول العالم والتي أحببتها كثيراً ولماذا؟

لا بدّ لي في هذه الحالة من أن أذكر الأردن، واحة سيوة في مصر، تونس، النرويج وإندونيسيا، علماً أن كلاً من هذه الوجهات تختلف عن الأخرى وتتميز بفرادة جمالها  وثقافتها وتخبئ آلاف الكنوز التي يجب اكتشافها. 

وبرأيك ما الأماكن التي يتعين على كلّ منا الذهاب إليها إذا استطاع ذلك؟

رغم أنني ذكرت بعض البلدان والمناطق، أشير إلى أن الكثير من الوجهات الأخرى تستحق الزيارة. ورداً على سؤالك، أنصح بالسفر إلى واحة سيوة المصرية كما إلى المملكة العربية السعودية. فأفضل الطرق التي تساعد على تحقيق التطور هي أن تتحدى ذاتك وأن تخرج من منطقتك الآمنة. بل يتعيّن عليك أن تكسر حاجز الخوف الذي بنته وسائل التواصل والإعلام المختلفة حول بعض الأماكن. وهكذا ستتمكن من اكتشاف وجهة نظرك الخاصة وستدرك أن أفضل ما في كل بلد هو شعبه. ولا بدّ لي من  الإشارة إلى أن "قطع الاتصال ثم إعادته" هو شعاري، فإعادة الاتصال هذه هي التجربة التي لا بدّ لنا من اختبارها وإن لمرة واحدة في حياتنا. وأنصح كل محب للسفر بالذهاب إلى مكان يختلف بقيمه ومفاهيمه وعاداته عن المكان الذي أتى منه.

وما الذي يثير اهتمامك أكثر من أي أمر آخر في المملكة العربية السعودية؟

في الحقيقة، أحب طريقة الحياة التي يتم اتباعها هنا. أشعر بالأمان، بحرارة الترحاب، وبأنه يمكنني صنع محتوى والحصول على مصدر إلهام. نعم، تعجبني طريقة ترحيب الناس بي. وثمة الكثير من التجارب التي يتعين علي اكتشافها وعيشها في هذا البلد. هو رائع فعلاً من النواحي كافة.

إلى أي حد تعتمدين على التخطيط قبل بدء أي جلسات التصوير؟

رغم اختلاف المعايير بين لقطة وأخرى، أشير إلى أن كل لقطة تحتاج إلى وقت طويل. فثمة مراحل عدة لا بدّ من اجتيازها: إيجاد المكان المناسب، والتنبه إلى بعض الأمور مثل الطقس، الإضاءة، الملابس، وقت السفر، الساعات الطويلة، بالإضافة إلى طريق الوصول إلى المكان الفعلي. لكن عليّ القول إنني لا أخطط كثيراً، بل أسافر غالباً من دون تخطيط. ورغم هذا فإنني أحفظ الأماكن في ذاكرتي، وفي حال أردت العودة إليها، أجمع كل ما أريد رؤيته وأعدّ، لهذه الغاية، جدولاً زمنياً قابلاً للتغيير.  

ومن يساعدك على إقامة جلسات التصوير؟

حين نتحدث عن السفر، غالباً ما نقصد الأشخاص المرافقين لا الوجهة. وبالنسبة إلي، تختلف المعطيات بين رحلة وأخرى. ويمكن أن أصف نفسي بالمصورة العصامية، لذا قد أستعين بأي صديق في حال أردت الظهور في الصور. كما أن أمي تنضم إليّ في بعض الأحيان وخصوصاً حين أقصد بعض الوجهات الشرق أوسطية المفضلة لدي. كذلك ألتحق أحياناً برحلات يقوم بها مصورون فوتوغرافيون أصدقاء. 

كيف تصفين تلك المرحلة من حياتك التي سبقت مغامرتك السعودية؟

كنت أقيم في لوس أنجلوس، كاليفورنيا. إلا أنني كنت أسافر حول العالم، أي أنني كنت أعيش مع أمتعتي قبل الحضور إلى السعودية. كنت أعمل مصورة حرة وممثلة إعلانات. والآن أشعر بالامتنان والرضى لأنني تمكنت من تحويل هواياتي إلى عمل. وهو ما جعلني أحب السعودية أكثر، فهنا يمكنني تحويل شغفي إلى واقع من دون الحاجة إلى التضحية بما أحب.